السعودية: ارتفاع تكاليف البناء وسعر بناء المتر المربع العظم يسجل رقم قياسي في سبتمبر الماضي

ارتفاع تكاليف البناء وسعر بناء المتر المربع العظم يسجل رقم قياسي في سبتمبر الماضي
  • آخر تحديث

تشهد المملكة العربية السعودية خلال النصف الثاني من عام 2025 حركة ملحوظة في قطاع البناء والتشييد، الذي يعد أحد المحركات الأساسية للاقتصاد الوطني، فقد سجل مؤشر تكاليف البناء ارتفاع بنسبة 0.7% خلال شهر سبتمبر مقارنة بشهر أغسطس السابق، وفق البيانات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء.

ارتفاع تكاليف البناء وسعر بناء المتر المربع العظم يسجل رقم قياسي في سبتمبر الماضي 

ويعكس هذا الارتفاع استمرار القطاع في مسار نمو معتدل يوازن بين التحديات الاقتصادية العالمية والتوسع المحلي في المشاريع الإنشائية الكبرى.

ويشير الخبراء إلى أن هذا الأداء المستقر يعكس مرونة سوق البناء في المملكة وقدرته على التعامل مع التقلبات الاقتصادية الدولية، خاصة في ظل استمرار المشاريع التنموية الضخمة المرتبطة برؤية السعودية 2030.

فرغم الضغوط التي تواجه الأسواق العالمية من ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، استطاع القطاع السعودي أن يحافظ على وتيرة نمو متزنة دون تقلبات حادة، مما يدل على نجاح السياسات الحكومية في ضبط السوق وتحقيق التوازن بين العرض والطلب.

مكونات الزيادة في مؤشر تكاليف البناء

توضح بيانات الهيئة العامة للإحصاء أن الارتفاع في المؤشر العام لتكاليف البناء جاء نتيجة زيادة ملموسة في عدة عناصر رئيسية تشكل العمود الفقري للمشاريع الإنشائية.

فقد ارتفعت أسعار العمالة بنسبة 1.4% خلال شهر سبتمبر، وهو ما يعكس زيادة الطلب على الأيدي العاملة المتخصصة تزامن مع تنفيذ عدد كبير من المشاريع في مختلف مناطق المملكة.

كما شهدت أسعار استئجار المعدات والآلات ارتفاع بنسبة 1.2%، متأثرة بزيادة تكاليف التشغيل والصيانة والنقل.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 9.9%، وهي زيادة لافتة ساهمت بشكل مباشر في رفع التكلفة الإجمالية للبناء.

وتظهر هذه الأرقام أن التكاليف التشغيلية، خصوصا المتعلقة بالطاقة والمعدات، أصبحت عنصر حاسم في تحديد اتجاهات الأسعار في القطاع خلال الفترة الأخيرة.

تأثير الارتفاع على قطاع المقاولات والعقارات

من المتوقع أن ينعكس هذا الارتفاع في تكاليف البناء على أداء شركات المقاولات والمطورين العقاريين، إذ تمثل العمالة والمعدات والطاقة الجزء الأكبر من التكلفة الإجمالية لأي مشروع.

وقد يدفع ذلك بعض الشركات إلى إعادة تقييم خططها التنفيذية أو تعديل جداولها الزمنية بما يتوافق مع التغير في الأسعار.

ويبدو أن المشروعات السكنية والمشاريع المتعلقة بالبنى التحتية هي الأكثر تأثر بهذه التطورات، نظرا لاعتمادها الكبير على الموارد التشغيلية التي شهدت ارتفاع في تكاليفها.

ومع ذلك، فإن استمرار الدعم الحكومي وتنوع أدوات التمويل العقاري يساعدان في الحد من الآثار المباشرة على المستهلك النهائي، ويحافظان على استقرار السوق العقارية في المملكة.

مؤشرات على الاستقرار رغم الضغوط الاقتصادية

على الرغم من الزيادة المسجلة في مؤشر تكاليف البناء، يرى محللون اقتصاديون أن هذه النسبة البالغة 0.7% تعد مؤشر على استقرار السوق المحلي وليس على تضخم مقلق.

فالمملكة استطاعت خلال الأشهر الماضية امتصاص كثير من آثار التضخم العالمي بفضل سياسات استباقية ركزت على تأمين سلاسل الإمداد وتسهيل استيراد المواد الأساسية بأسعار تنافسية.

كما أن الدعم الحكومي للمشاريع الكبرى ساهم في خلق بيئة استثمارية أكثر استقرار، الأمر الذي قلل من تقلبات الأسعار وحافظ على قدرة القطاع على النمو بوتيرة متوازنة.

وينظر إلى هذا الاستقرار على أنه عامل ثقة يعزز جاذبية قطاع التشييد أمام المستثمرين المحليين والدوليين.

توقعات الأداء في الأشهر المقبلة

تشير التوقعات الاقتصادية إلى أن مؤشر تكاليف البناء في المملكة سيواصل تحركه ضمن نطاق محدود من الارتفاع خلال الربع الأخير من عام 2025، مع احتمالات بحدوث تذبذب طفيف مرتبط بعوامل موسمية وتقلبات أسعار الطاقة العالمية.

ويتوقع أن تستمر المشاريع العملاقة ضمن رؤية السعودية 2030 في الحفاظ على نشاط السوق ضمن مستويات مرتفعة، خصوصا في مناطق مثل الرياض والشرقية والبحر الأحمر.

وفي المقابل، تبقى أسعار الطاقة وتكاليف العمالة الوافدة من أبرز العوامل المؤثرة في حركة المؤشر خلال الفترة المقبلة.

ولهذا تكتسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء أهمية متزايدة لدى المستثمرين والمطورين العقاريين الذين يعتمدون عليها لتخطيط ميزانياتهم وتقدير تكاليفهم التشغيلية بدقة.

قطاع البناء كركيزة أساسية في التنمية الوطنية

يمثل قطاع التشييد والبناء في السعودية أحد الأعمدة الحيوية التي تقوم عليها التنمية الشاملة، إذ يرتبط ارتباط وثيق بالمشروعات الاقتصادية والسياحية والصناعية التي تشهدها المملكة.

ويسهم في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب دوره في دعم الصناعات المرتبطة به مثل مواد البناء والنقل والخدمات اللوجستية.

ومن هنا، فإن مراقبة مؤشرات تكاليف البناء لا تعني فقط متابعة الأسعار، بل تعكس أيضا نبض الاقتصاد الوطني ومدى تقدمه في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على الكفاءة والإنتاجية العالية.