المسند: تساقط غير مسبوق للشهب يظهر في سماء السعودية ويمكن رؤيته بوضوح في هذه المناطق

تساقط غير مسبوق للشهب يظهر في سماء السعودية
  • آخر تحديث

تشهد سماء المملكة العربية السعودية خلال الأيام المقبلة حدث فلكي مميز ينتظره المهتمون بعلم الفلك وعشاق مراقبة السماء، حيث يتوقع ظهور زخات من الشهب تعرف باسم "الجباريات" أو "Orionids"، وهي من أجمل الظواهر السماوية التي يمكن رصدها بالعين المجردة دون الحاجة إلى أجهزة متخصصة.

تساقط غير مسبوق للشهب يظهر في سماء السعودية

وتعد هذه الزخات حدث سنوي يتكرر في ذات الفترة من شهر أكتوبر تقريبا، عندما تمر الأرض عبر حزام من الجسيمات الدقيقة التي خلّفها مذنب هالي الشهير في رحلته حول الشمس.

ويشير خبراء الفلك إلى أن هذه الظاهرة تمثل فرصة نادرة للاستمتاع بمشاهدة عرض سماوي طبيعي يجمع بين الجمال العلمي والمتعة البصرية، إذ تتلألأ الشهب في السماء على هيئة خطوط ضوئية سريعة تختفي في لحظة، لكنها تترك أثر رائع في الأفق الليلي.

وتعتبر السعودية من المواقع المناسبة جدا لرصد مثل هذه الأحداث بفضل اتساع مساحاتها الصحراوية وخلو كثير من مناطقها من التلوث الضوئي.

خلفية علمية عن الظاهرة وأصلها من مذنب هالي

أوضح أستاذ المناخ السابق في جامعة القصيم، الدكتور عبدالله المسند، أن زخات الشهب الجباريات هي بقايا ناتجة عن مرور مذنب "هالي" بمساره المداري الذي يتقاطع مع مدار الأرض كل عدة عقود.

فعندما تدخل الأرض هذا المسار الممتد من جزيئات الغبار والصخور الدقيقة، تتفاعل هذه الجسيمات مع الغلاف الجوي بسرعات عالية تصل إلى عشرات الكيلومترات في الثانية، فتشتعل بفعل الاحتكاك وتظهر على شكل خطوط ضوئية سريعة تعرف بالشهب.

ويعد مذنب هالي أحد أشهر المذنبات في التاريخ البشري، إذ تم رصده وتوثيقه منذ أكثر من ألفي عام، ويكمل دورة حول الشمس كل 76 سنة تقريبا.

وما تراه العين البشرية في ظاهرة الجباريات هو في الواقع أثر غير مباشر من رحلات هذا المذنب عبر الفضاء، حيث يترك خلفه ذيل طويل من الغبار يستمر تأثيره على مدار العام في مناطق مختلفة من السماء.

تفاصيل رصد الزخات وموقع إشعاعها في السماء

بحسب المسند، فإن زخات الشهب الجباريات تصل إلى ذروة نشاطها عندما يبلغ معدلها قرابة 25 شهاب في الساعة، ويمكن مشاهدتها في الأوقات المتأخرة من الليل وحتى قبيل الفجر.

ويقع موضع إشعاع هذه الشهب في السماء ضمن كوكبة الجبار (Orion)، وتحديد عند الإحداثيات الفلكية التي تبلغ المطلع المستقيم 6 ساعات و24 دقيقة، والميل الزاوي نحو +14 درجة تقريبا.

ويفضل لمراقبي السماء اختيار مواقع بعيدة عن أضواء المدن لتتضح الرؤية بشكل أفضل، مع تهيئة العينين للظلام لمدة لا تقل عن 15 دقيقة.

كما ينصح الخبراء بعدم استخدام المناظير أو التلسكوبات لأن الشهب تتحرك بسرعة كبيرة وتغطي مساحة واسعة من السماء، مما يجعل المشاهدة بالعين المجردة الخيار الأمثل للاستمتاع بالمشهد.

أهمية الظاهرة في الدراسات الفلكية

لا تقتصر أهمية زخات الشهب الجباريات على قيمتها الجمالية فحسب، بل تمتد لتشمل جانب علمي مهم في دراسة الغلاف الجوي والأجسام الصغيرة في الفضاء القريب من الأرض.

فكل شهاب يحترق في الغلاف الجوي يوفر للعلماء فرصة لدراسة تركيب تلك الجزيئات الفضائية وطبيعة تفاعلها مع طبقات الهواء المختلفة.

كما تتيح هذه الظواهر للباحثين فهم المزيد حول مدارات المذنبات ونشاطها، إذ تساعد ملاحظات الشهب في تحديد كثافة الغبار الذي تخلفه المذنبات وتوزيعه على طول مساراتها المدارية.

وبذلك تسهم مثل هذه الأحداث في تعزيز المعرفة العلمية حول الفضاء القريب وتطور الأجرام السماوية الصغيرة.

موسم الجباريات فرصة لعشاق السماء في السعودية

يؤكد المتخصصون أن هذا الموسم يشكل فرصة مميزة لعشاق السماء في المملكة العربية السعودية، خاصة في المناطق المفتوحة مثل صحراء الربع الخالي، وجبال العلا، ومناطق شمال المملكة التي تتميز بصفاء الجو وقلة العوائق الضوئية.

ويمكن للمهتمين تنظيم رحلات رصد جماعية للاستمتاع بالظاهرة والتقاط الصور الفلكية باستخدام الكاميرات طويلة التعريض، مع مراعاة سلامة الموقع والظروف الجوية.

ويرى الدكتور المسند أن مثل هذه الأحداث تذكر الإنسان بعظمة الكون واتساعه، وتدفع إلى التأمل في جمال النظام الكوني الذي يجري بدقة متناهية منذ ملايين السنين.

كما أن رصد الظواهر الفلكية يسهم في نشر الوعي العلمي لدى الجمهور، ويشجع على الاهتمام بعلوم الفضاء والفلك في المملكة التي تشهد توسع ملحوظ في هذا المجال ضمن رؤية 2030.