السعودية تسحب صلاحيات جديدة من الكفيل وتمنح المقيمين صلاحيات جديدة لانجاز معاملاتهم بدون كفيل عبر أبشر absher.sa

السعودية تسحب صلاحيات جديدة من الكفيل
  • آخر تحديث

يشهد سوق العمل السعودي تحول جوهري غير مسبوق يعكس رؤية المملكة الطموحة نحو مستقبل أكثر انفتاح وتوازن، فبعد عقود من العمل بنظام الكفالة التقليدي، بدأت المملكة مرحلة جديدة تعيد صياغة العلاقة بين العامل وصاحب العمل على أسس الشراكة والاحترام المتبادل، لتتحول من علاقة قائمة على الوصاية إلى منظومة تشاركية تسعى لتحقيق المصلحة المشتركة.

السعودية تسحب صلاحيات جديدة من الكفيل

هذه النقلة النوعية ليست مجرد تعديل في الإجراءات التنظيمية، بل هي إعادة بناء شاملة لمنظومة العمل بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تركز على تحسين جودة الحياة، وتمكين رأس المال البشري، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة اقتصادية جاذبة للخبرات والمواهب العالمية.

أهداف التحول في نظام الكفالة

تهدف الإصلاحات الجديدة إلى بناء سوق عمل يتمتع بالمرونة والعدالة ويشجع الكفاءة والإنتاجية.

فالمملكة لا تسعى فقط لتنظيم العمالة الوافدة، بل لتوفير بيئة تحقق التوازن بين حقوق العاملين واحتياجات أصحاب العمل، وتؤكد التزام الدولة بمواثيق العمل الدولية ومبادئ العدالة الاجتماعية.

الملامح الرئيسية للنظام الجديد

  • أصبح بإمكان العامل الوافد تغيير جهة عمله عند انتهاء عقده دون الحاجة إلى إذن مسبق من الكفيل، مما يمنحه حرية مهنية أكبر وقدرة على تطوير مساره الوظيفي.
  • ألغيت قيود السفر التقليدية التي كانت تتطلب تصريح من الكفيل، وأصبح المقيم قادر على التنقل والسفر بحرية طوال فترة صلاحية إقامته.
  • تم الحد من سلطة الإنهاء الإجباري أو ما يعرف بـ"الخروج النهائي"، بحيث أصبحت المغادرة تتم وفق إجراءات قانونية واضحة تحمي حقوق الطرفين.
  • أتيح للمقيمين الحق في ممارسة بعض الأنشطة الاقتصادية والمهن الحرة، وفق ضوابط محددة، مما يشجع روح المبادرة والاستثمار الفردي.
  • فتح المجال أمام المقيمين لتملك العقارات السكنية بشروط معينة، في خطوة تعزز الاستقرار الأسري والاجتماعي لهم داخل المملكة.

انعكاسات الإصلاحات على الاقتصاد الوطني

هذه التغييرات الهيكلية أسهمت في خلق سوق عمل أكثر تنافسية، حيث أصبحت المؤسسات مطالبة بتطوير بيئة عمل محفزة لجذب الكفاءات بدلا من الاعتماد على القيود الإدارية.

كما ساعدت الإصلاحات على تعزيز جاذبية المملكة كمركز إقليمي للأعمال واستقطاب الكفاءات العالمية التي تسهم في نقل الخبرات وتطوير بيئة العمل المحلية.

وإلى جانب الفوائد الاقتصادية، تسهم هذه السياسات في تحسين صورة المملكة الدولية كدولة تراعي حقوق العاملين وتلتزم بالمعايير العمالية العالمية.

تحول دور الكفيل من الوصاية إلى الشراكة

في المنظومة الحديثة، لم يعد الكفيل متحكماً في العامل، بل شريك في تطوير الأداء وتحقيق النجاح المؤسسي.

وتدفع هذه الرؤية أصحاب العمل إلى تبني سياسات أكثر شفافية وعدلاً، وتوفير بيئات عمل ترتكز على التدريب المستمر، والاحترام المتبادل، والتحفيز المهني.

كما تشجع على الاستثمار في تنمية الكفاءات البشرية باعتبارها أحد أهم عناصر النمو الاقتصادي المستدام.

توصيات للمقيمين وأصحاب العمل

على المقيمين استثمار المرونة التي يوفرها النظام الجديد في بناء مسار مهني مستقر من خلال تطوير المهارات والانخراط في البرامج التدريبية المتاحة.

كما ينبغي لهم معرفة حقوقهم وواجباتهم بوضوح عبر القنوات الرسمية لضمان التعامل القانوني السليم.

أما أصحاب العمل، فعليهم تحديث سياسات الموارد البشرية بما يتوافق مع اللوائح الجديدة، وتعزيز ثقافة العمل الإيجابية داخل منشآتهم لزيادة الولاء والإنتاجية.

آفاق المستقبل: نحو سوق عمل حديث ومتوازن

إصلاح نظام الكفالة يمثل خطوة تاريخية ضمن مسار التحول الوطني الذي تقوده رؤية 2030.

فقد أصبح المقيم اليوم شريك فاعل في التنمية، وصاحب العمل طرف داعم في مسيرة التمكين، والدولة منظم يوازن بين الحقوق والواجبات.

وبهذا التوجه الاستراتيجي، ترسم المملكة ملامح سوق عمل حديث يقوم على العدالة والمنافسة الشريفة، ويعزز مكانتها كإحدى أبرز الاقتصادات الصاعدة في العالم العربي والإقليمي.