ارامكو تكشف سر 11 مليار غيرت كل التوقعات حول الشركة

ارامكو تكشف سر  11 مليار غيرت كل التوقعات حول الشركة
  • آخر تحديث

في خطوة تعد من أبرز المحطات في تاريخ صناعة الطاقة بالمملكة العربية السعودية، أعلنت أرامكو السعودية الشركة العالمية الرائدة في مجالي الطاقة والكيميائيات عن إتمام اتفاقية استثمارية كبرى بقيمة 11 مليار دولار أمريكي، تتعلق بترتيب تمويلي يقوم على مبدأ الاستئجار وإعادة التأجير لمرافق معالجة الغاز في حقل الجافورة العملاق.

ارامكو تكشف سر  11 مليار غيرت كل التوقعات حول الشركة 

جاءت هذه الصفقة بالشراكة مع ائتلاف من المستثمرين الدوليين تقوده صناديق تديرها شركة “جلوبال إنفراستركتشر بارتنرز” (GIP) التابعة لمجموعة “بلاك روك” الاستثمارية، وهي من أبرز الشركات العالمية المتخصصة في إدارة أصول البنية التحتية.

أبعاد الصفقة وأهميتها الاستراتيجية

تعد هذه الاتفاقية واحدة من أكبر الصفقات الاستثمارية التي أبرمتها أرامكو على الإطلاق، وقد أعلن عنها للمرة الأولى في أغسطس من عام 2025، وهي تمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز القيمة الاقتصادية المضافة من أصول الشركة ومشاريعها العملاقة.

وتأتي ضمن مساعي أرامكو لإطلاق فرص استثمارية جديدة تساهم في تنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو المستدام.

يضم الائتلاف الاستثماري مجموعة من المؤسسات والصناديق الرائدة، من بينها شركة حصانة الاستثمارية، والصندوق العربي للطاقة، وإنفستكورب أبردين إنفراستركتشر بارتنرز، إلى جانب مستثمرين من آسيا والشرق الأوسط، ما يعكس الثقة الكبيرة في البيئة الاستثمارية السعودية واستقرارها المالي والتشريعي.

رؤية أرامكو ودلالات الاستثمار الدولي

أكد المهندس أمين بن حسن الناصر، رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، أن الاتفاقية مع ائتلاف (GIP) تمثل تأكيد قوي على الثقة العالمية في استراتيجية الشركة وقدرتها على تطوير أعمالها وفق أعلى المعايير الدولية.

وأوضح أن هذه الخطوة تعكس كذلك جاذبية المملكة كوجهة استثمارية عالمية بفضل الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي أطلقتها رؤية السعودية 2030.

وأشار الناصر إلى أن مشروع الجافورة للغاز سيشكل ركيزة أساسية في دعم خطط أرامكو للتوسع في إنتاج الغاز الطبيعي، ما يسهم في تعزيز أمن الطاقة وتوفير مصدر مستدام لتغذية الصناعات الكبرى والتقنيات الحديثة، إضافة إلى مساهمته في دعم التحول نحو مصادر طاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية.

شراكة عالمية لتحقيق أهداف الطاقة النظيفة

من جانبه، عبر بايو أوجونليسي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة جلوبال إنفراستركتشر بارتنرز، عن فخره بهذه الشراكة التي تجمع بين مؤسسته وأرامكو السعودية، مؤكد أن هذا التعاون يمثل امتداد لعلاقات استراتيجية طويلة قائمة على الثقة والالتزام بالتنمية المستدامة.

وأشار إلى أن الاستثمار في شركة الجافورة لنقل ومعالجة الغاز يعكس التزام GIP وبلاك روك بدعم قطاع الطاقة في المملكة، وتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة النظيفة بأسعار معقولة ومستدامة.

هيكل الصفقة وطبيعة الاتفاق

بموجب الاتفاقية، ستتولى شركة الجافورة لنقل ومعالجة الغاز (GMGC) وهي شركة تابعة لأرامكو تم إنشاؤها خصيصا لهذا المشروع مهمة استئجار حقوق تطوير وتشغيل معمل الغاز ومرافق تجزئة سوائل الغاز الطبيعي في حقل الجافورة، ثم إعادة تأجير هذه المرافق إلى أرامكو السعودية لمدة 20 عام.

تلتزم أرامكو بموجب العقد بدفع تعرفة محددة مقابل استخدام هذه المرافق، مع احتفاظها بنسبة ملكية تبلغ 51% في الشركة، فيما يمتلك الائتلاف الاستثماري بقيادة (GIP) الحصة المتبقية البالغة 49%.

ويهدف هذا النموذج المالي المبتكر إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحقيق عوائد مستدامة للمستثمرين دون التأثير على ملكية أصول أرامكو أو السيطرة على عملياتها التشغيلية.

مشروع الجافورة

يعتبر حقل الجافورة أكبر مشروع لتطوير الغاز غير المصاحب في تاريخ المملكة العربية السعودية، ويشكل عنصر محوري في استراتيجية أرامكو للتوسع في إنتاج الغاز.

تقع منطقة الجافورة في المنطقة الشرقية للمملكة، وتقدر احتياطياتها بنحو 229 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الخام، إلى جانب نحو 75 مليار برميل من المكثفات.

يتوقع أن يبدأ الإنتاج من الجافورة خلال عام 2025، على أن يرتفع تدريجي ليصل بحلول عام 2030 إلى نحو 2 مليار قدم مكعبة قياسية من غاز البيع يوميا، و420 مليون قدم مكعبة من الإيثان، إضافة إلى 630 ألف برميل يوميا من السوائل عالية القيمة مثل سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات.

أثر الصفقة على الاقتصاد الوطني

تتجاوز أهمية هذه الصفقة بعدها المالي، إذ تمثل خطوة محورية ضمن الجهود الوطنية لتعزيز استدامة الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر الدخل.

فمن خلال هذه الشراكة، تسهم أرامكو في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى قطاع الطاقة والبنية التحتية، مما يعزز من مكانة المملكة كمركز عالمي للطاقة والتقنية.

كما ستسهم مشاريع الغاز في الجافورة في تلبية الطلب المحلي على الطاقة النظيفة ودعم الصناعات التحويلية التي تعتمد على الغاز كمصدر أساسي للطاقة والمواد الخام.

رؤية مستقبلية نحو اقتصاد طاقوي متوازن

تعكس هذه الاتفاقية التزام أرامكو السعودية بتطوير مشاريعها بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي تركز على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.

ومن المتوقع أن يساهم مشروع الجافورة في خفض الانبعاثات الكربونية عبر زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر طاقة أنظف، إلى جانب تطوير الصناعات المرتبطة به مثل البتروكيميائيات والطاقة المتجددة.

كما يمثل المشروع خطوة إضافية نحو تعزيز موقع أرامكو كأكبر شركة طاقة متكاملة في العالم، تجمع بين الإنتاج والاستثمار والتقنية في إطار من الكفاءة والاستدامة، مما يعزز دورها في قيادة مستقبل الطاقة على المستويين المحلي والعالمي.