الزكاة والضريبة والجمارك تكشف سر الضريبة الغامضة التي تستقطع من عابري الحدود في السعودية

سر الضريبة الغامضة التي تستقطع من عابري الحدود في السعودية
  • آخر تحديث

تواصل المملكة العربية السعودية تطوير منظومتها المالية والضريبية ضمن إطار إصلاح اقتصادي شامل يهدف إلى تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين جميع الجهات العاملة داخل أراضيها، سواء كانت محلية أو أجنبية.

سر الضريبة الغامضة التي تستقطع من عابري الحدود في السعودية

وفي هذا السياق، أوضحت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك تفاصيل تطبيق "ضريبة الاستقطاع"، التي تفرض على الدخل الناتج عن الخدمات أو الأنشطة الاقتصادية التي تقدمها المنشآت غير المقيمة داخل المملكة.

ويأتي هذا الإجراء كأداة تنظيمية متطورة تهدف إلى ضمان مساهمة جميع الجهات التي تحقق أرباح من داخل الاقتصاد السعودي في دعم الخزانة العامة، بما يعزز مبدأ العدالة الضريبية، ويمنع التهرب أو فقدان الإيرادات الناتجة عن التعاملات العابرة للحدود.

مفهوم ضريبة الاستقطاع وأهدافها الرئيسة

تعد ضريبة الاستقطاع إحدى الأدوات الضريبية المستخدمة عالميً لضمان تحصيل مستحقات الدولة من الأنشطة التي تنفذها جهات أو شركات أجنبية داخل أراضيها.

في الحالة السعودية، يتم تطبيق هذه الضريبة عندما تقوم منشأة أو فرد مقيم في المملكة بدفع مبالغ مالية لجهة غير مقيمة مقابل خدمات أو أعمال نفذت داخل المملكة، سواء كانت هذه الخدمات فنية أو استشارية أو تقنية أو مالية.

الهدف من هذه الضريبة هو تحقيق العدالة بين المنشآت المقيمة التي تدفع الضرائب المحلية بانتظام، والجهات غير المقيمة التي تستفيد من الاقتصاد الوطني دون أن تكون خاضعة مباشرة للنظام الضريبي المحلي.

كما تسعى الهيئة من خلال تطبيق هذا النظام إلى تعزيز الشفافية في التعاملات المالية الدولية، وضمان تحصيل الإيرادات في وقتها المحدد، ما يقلل من احتمالات التأخير أو الفقد الناتج عن التعاملات الخارجية.

كيفية تطبيق الضريبة ومسؤولية المقيم المحلي

تتحمل المنشأة أو الجهة المقيمة في المملكة العربية السعودية التي تقوم بالدفع للطرف الأجنبي مسؤولية استقطاع الضريبة من المبلغ الإجمالي قبل تحويله إلى الجهة المستفيدة. وبذلك، يكون المقيم هو الطرف الملزم قانونيا بتحصيل الضريبة وتوريدها إلى هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في المدة النظامية المحددة.

تختلف نسبة الاستقطاع باختلاف طبيعة الدخل أو نوع الخدمة المقدمة، وتشمل أنواع متعددة من الإيرادات مثل العوائد المالية، والإتاوات، وأجور الخدمات التقنية، والاستشارية، والفنية.

هذا التنوع في النسب يهدف إلى تحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار الأجنبي وضمان التزام جميع الأطراف بالقوانين الضريبية السعودية.

أهمية الضريبة في تعزيز الاقتصاد الوطني

تمثل ضريبة الاستقطاع عنصر أساسي في بناء اقتصاد منظم ومستدام، إذ تسهم في تعزيز الثقة بين المستثمرين المحليين والأجانب، وتضمن بيئة أعمال قائمة على الشفافية والمساواة في الالتزامات.

كما تساهم في حماية حقوق الخزانة العامة من خلال تحصيل الإيرادات المستحقة عن الأنشطة المنفذة داخل المملكة من قبل جهات خارجية.

ويعد تطبيق هذا النظام خطوة مهمة نحو تكامل الأنظمة المالية، وضمان أن يستفيد الاقتصاد السعودي من جميع الأنشطة التي تمارس ضمن حدوده الجغرافية، بما في ذلك الأنشطة التي يديرها مستثمرون غير مقيمين.

العقوبات والغرامات في حال عدم الالتزام

شددت الهيئة على أن المقيم الذي لا يلتزم باستقطاع الضريبة أو تأخر في توريدها إلى الجهة المختصة ضمن المدة النظامية سيعد مخالف للأنظمة، وتطبق بحقه الغرامات والعقوبات المنصوص عليها في القانون.

وتهدف هذه الإجراءات إلى ضمان الانضباط في تنفيذ الالتزامات المالية ومنع أي تجاوزات قد تؤدي إلى الإضرار بالمصلحة العامة.

خدمات الدعم والإرشاد للمكلفين

حرصت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك على تسهيل تطبيق الضريبة من خلال توفير أدلة تفصيلية عبر موقعها الإلكتروني توضح أنواع الدخل الخاضع للضريبة ونسب الاستقطاع لكل حالة.

كما أطلقت الهيئة خدمة “اسأل الزكاة والضريبة والجمارك” التي تمكن المنشآت والأفراد من طرح استفساراتهم مباشرة والحصول على توجيهات دقيقة بشأن إجراءات التطبيق.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل الهيئة على تعزيز الوعي الضريبي عبر حملات إعلامية وورش عمل توضيحية تستهدف المنشآت والشركات، لضمان الالتزام التام بالنظام وتقليل الأخطاء المحتملة في عمليات الاستقطاع.

تحول رقمي يضمن الدقة والشفافية

وفي إطار توجه المملكة نحو الأتمتة والتحول الرقمي، أكدت الهيئة أنها مستمرة في ربط أنظمتها المالية إلكترونيا لتسهيل عمليات الاستقطاع والتوريد، وضمان تنفيذها بسرعة ودقة عالية.

هذه الخطوة تهدف إلى رفع كفاءة الأداء وتقليل التدخل البشري، مما ينعكس إيجابا على مستوى الشفافية وجودة الخدمات المقدمة للمكلفين.

من خلال تطبيق ضريبة الاستقطاع، ترسخ السعودية مبدأ المساواة في الالتزامات الضريبية، وتؤكد التزامها ببناء اقتصاد قوي وعادل، لا يميز بين المستثمر المحلي أو الأجنبي، بل يضمن أن كل من يستفيد من النشاط الاقتصادي داخل المملكة يشارك في دعم نهضتها وتنميتها المستدامة.