بالأرقام.. مفاجأة في حجم استثمارات صندوق الاستثمارات داخل السعودية

مفاجأة في حجم استثمارات صندوق الاستثمارات داخل السعودية
  • آخر تحديث

كثير ما يتسرع البعض في إطلاق الأحكام أو تأويل التصريحات الاقتصادية الكبرى دون امتلاك الفهم العميق لخلفياتها وأبعادها، وهو ما حدث بعد الكلمة التي ألقاها معالي وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح خلال مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في نسخته الثامنة المنعقدة بتاريخ 27 أكتوبر 2025.

مفاجأة في حجم استثمارات صندوق الاستثمارات داخل السعودية 

فقد سارع بعض المعلقين إلى تفسير حديثه على نحوٍ يبتعد تماما عن جوهر ما قصده، متناسين أن المؤتمر ذاته يمثل أحد أبرز شواهد نجاح السياسة الاستثمارية السعودية في إطار "رؤية 2030".

ففي النسخة السابقة من المبادرة، تمكنت المملكة من تحقيق استثمارات تجاوزت قيمتها 60 مليار دولار، وهو الرقم ذاته المتوقع تحقيقه في النسخة الحالية، مما يؤكد استمرارية الزخم الاقتصادي وقوة الجذب الاستثماري الذي تتمتع به المملكة.

رؤية 2030 منهج علمي لا شعارات

لم تكن رؤية المملكة 2030 وليدة صدفة أو عبارات دعائية، بل جاءت ثمرة دراسات معمقة اعتمدت على بيانات دقيقة وتخطيط استراتيجي طويل المدى.

هذه الرؤية مكنت الاقتصاد السعودي من تحقيق قفزات نوعية جعلته يتفوق على عدد من الاقتصادات المتقدمة، ويحتل المرتبة السابعة عشرة ضمن دول مجموعة العشرين.

ومن خلال تنويع مصادر الدخل الوطني، تجاوزت نسبة الناتج غير النفطي حاجز 30% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين بلغت نسبة الاستثمارات الأجنبية غير النفطية قرابة 90% من إجمالي التدفقات الاستثمارية، وهو ما يعكس نجاح التحول الهيكلي الذي تسعى إليه المملكة في مختلف القطاعات.

دور صندوق الاستثمارات العامة في بناء القاعدة الاقتصادية

أحد الأعمدة الأساسية في هذا التحول هو صندوق الاستثمارات العامة الذي لعب دور محوري في تعزيز بنية الاقتصاد الوطني وتوسيع قاعدته الإنتاجية.

فقد ركز الصندوق على تمويل مشاريع البنية التحتية وتطوير سلاسل الإمداد، إلى جانب دعمه للشركات الناشئة ورواد الأعمال، الأمر الذي أتاح ضخ أكثر من مليار دولار في الناتج المحلي عبر مشاريع ابتكارية واعدة.

كما أسهمت استراتيجيات الصندوق في تحفيز قطاعات جديدة مثل الصناعة المتقدمة والتقنيات الرقمية والسياحة والذكاء الاصطناعي، وهي قطاعات أصبحت اليوم جزء من مكونات الاقتصاد السعودي الحديث.

تمكين القطاع الخاص وتعزيز المنافسة العادلة

بعد سنوات من البناء المؤسسي والنجاح في تنفيذ البرامج التنموية الكبرى، باتت المرحلة الحالية تركز على فتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة بفاعلية في تحريك عجلة الاقتصاد.

تسعى الحكومة من خلال هذا التوجه إلى تمكين المستثمرين المحليين الذين يمتلكون الطموح والرؤية المستقبلية من دخول المنافسات العادلة في السوق الوطني، بما يخلق توازن في ميزان المدفوعات ويسهم في تحقيق تنمية مستدامة وشاملة.

وتشكل القطاعات التي دعمها صندوق الاستثمارات العامة مثل التقنية المتقدمة والسياحة والتصنيع  نقاط انطلاق جديدة أمام القطاع الخاص لقيادة التحول الاقتصادي القادم.

الاستثمارات الخارجية ودور المملكة العالمي

لا يعني توجيه الاهتمام نحو الداخل تقليص دور المملكة في الساحة الاستثمارية العالمية، بل على العكس، فصندوق الاستثمارات العامة ماضي في تعزيز حضوره الدولي من خلال استثمارات نوعية في قطاعات النمو المستقبلية حول العالم.

وبرغم تراجع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر على المستوى العالمي بنسبة تصل إلى 10%، تمكنت المملكة من مضاعفة استثماراتها أربع مرات خلال الأعوام الماضية، ما يعكس قوة مركزها المالي وثقة الأسواق العالمية في سياساتها الاقتصادية.

وبهذا المسار المتوازن بين الداخل والخارج، تسعى السعودية إلى ترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية مؤثرة ومركز استثماري عالمي رائد.

بهذا النهج المتكامل، يتضح أن تصريحات وزير الاستثمار لم تكن سوى تأكيدٍ على صلابة الرؤية السعودية وقدرتها على التوازن بين النمو المحلي والانفتاح العالمي، في إطار سياسة اقتصادية تقوم على التخطيط العلمي والممارسات الاستثمارية المستدامة التي ترسم ملامح مستقبل أكثر ازدهار للمملكة.