لأول مرة منذ سنوات.. انخفاض العقارات في الرياض وارتفاع جنوني في الشرقية والاحصاء تكشف السبب

انخفاض العقارات في الرياض وارتفاع جنوني في الشرقية والاحصاء تكشف السبب
  • آخر تحديث

تشهد السوق العقارية في المملكة العربية السعودية مرحلة من التحول الهادئ بعد فترة من الارتفاعات المتتالية، حيث أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء أن وتيرة النمو العقاري تباطأت بشكل ملحوظ خلال الربع الثالث من عام 2025.

انخفاض العقارات في الرياض وارتفاع جنوني في الشرقية والاحصاء تكشف السبب

وقد عكست هذه الأرقام تراجع النشاط السكني، الذي يُعد المكوّن الأكبر في هيكل المؤشر العام لأسعار العقارات، رغم استمرار بعض القطاعات الأخرى في تسجيل مكاسب محدودة.

ويرى خبراء اقتصاديون أن هذا التباطؤ يأتي في سياق طبيعي بعد فترة من النشاط القوي الذي شهده السوق خلال العامين الماضيين، مدفوع بارتفاع الطلب السكني وتوسع المشاريع العقارية المرتبطة برؤية المملكة 2030.

ومع تحسن الاستقرار في العرض وتراجع مستويات المضاربة، بدأت الأسعار تميل إلى التوازن تدريجيًا بما يعكس حالة من النضج في القطاع العقاري.

تطورات الرقم القياسي لأسعار العقارات

أوضحت بيانات الهيئة العامة للإحصاء أن معدل التغير السنوي للرقم القياسي لأسعار العقارات بلغ 1.3% خلال الربع الثالث من عام 2025، مقارنة بنسبة 3.2% في الربع الثاني من العام نفسه، ما يعكس تباطؤ واضح في وتيرة التضخم العقاري.

أما على المستوى الربع سنوي، فقد انخفض المؤشر بنسبة 1.1% مقارنة بالربع السابق، نتيجة تراجع أسعار القطاع السكني بنسبة مماثلة بلغت 1.1%.

ويعزى هذا التراجع بالدرجة الأولى إلى انخفاض أسعار الأراضي السكنية بنسبة 0.8%، وأسعار الشقق بنسبة 1.1%، وأسعار الفلل بنسبة 2.5%، في حين شهدت الأدوار السكنية ارتفاع طفيف بلغ 0.6%.

أداء القطاعات العقارية المختلفة

أظهر القطاع التجاري أداء متباين خلال الفترة ذاتها، حيث سجل انخفاض بنسبة 1.6% على أساس ربع سنوي، نتيجة تراجع أسعار الأراضي التجارية بنسبة 1.8% وانخفاض أسعار المعارض بنسبة 0.5%، بينما شهدت أسعار العمائر التجارية ارتفاعًا بنحو 1%.

وفي المقابل، حقق القطاع الزراعي مكاسب قوية مسجل ارتفاع قدره 7.3% مقارنة بالربع الثاني من العام ذاته، مدفوع بزيادة أسعار الأراضي الزراعية بالقدر نفسه، مما يعكس اهتمام متزايد بالاستثمار في الأرياف والأراضي الصالحة للزراعة تماشي مع توجهات الأمن الغذائي والتنمية الريفية.

الأداء العقاري بحسب المناطق الإدارية

بينت الإحصاءات أن معدل التغير السنوي في الرقم القياسي لأسعار العقارات على مستوى المملكة بلغ 1.3% خلال الربع الثالث من عام 2025.

وشهدت منطقة الرياض تباطؤ واضح في نمو الأسعار لتسجل زيادة محدودة بنسبة 1% فقط، مقارنة بنسبة 3.6% في الربع الثاني.

في حين تصدرت المنطقة الشرقية قائمة المناطق الأكثر ارتفاع بنسبة 6.1%، تلتها منطقة نجران بنسبة 3.7%، ثم منطقة تبوك بنسبة 3.4%، وجاءت منطقة مكة المكرمة في المرتبة الرابعة بنسبة 1.9%.

أما المناطق التي سجلت تراجع ملحوظ في الأسعار فكانت حائل بنسبة 7.3%، والحدود الشمالية بنسبة 7.7%، والمدينة المنورة التي شهدت الانخفاض الأكبر بنسبة بلغت 8%.

أداء القطاع التجاري مقابل القطاع السكني

أظهرت البيانات أن أسعار العقارات في القطاع التجاري ارتفعت على أساس سنوي بنسبة 6.8% خلال الربع الثالث من عام 2025، وهو ارتفاع مدفوع بالدرجة الأولى بزيادة أسعار قطع الأراضي التجارية بنسبة 7.2%، وهي تمثل ما يقارب 23% من الوزن الكلي للمؤشر العام، كما ارتفعت أسعار العمائر التجارية بنسبة 3.3% والمعارض التجارية بنسبة 1.1%.

في المقابل، سجل القطاع السكني تراجع سنوي بنسبة 0.9%، بعد فترة من الاستقرار النسبي، نتيجة انخفاض أسعار الأراضي السكنية والشقق بنسب 0.9% و1.7% على التوالي، في حين سجلت الفلل والأدوار السكنية ارتفاعات طفيفة بلغت 0.2% و0.3%.

دلالات اقتصادية وآفاق مستقبلية

يشير هذا التراجع الطفيف في الأسعار إلى مرحلة من التوازن الطبيعي في السوق العقارية السعودية، حيث تتراجع وتيرة التضخم بعد موجة من النمو السريع.

كما يعكس التحسن في آليات العرض والطلب وتوسع مشروعات الإسكان الحكومية والمبادرات التمويلية الموجهة للأسر السعودية.

ويتوقع مراقبون أن يشهد القطاع العقاري خلال العام المقبل استقرار أكبر مع دخول مشروعات سكنية جديدة إلى السوق وتنوع الخيارات أمام المستهلكين.

كما أن استمرار تطوير البنية التحتية وتوسيع المدن الاقتصادية يسهم في خلق توازن طويل الأمد بين الأسعار ومستوى الدخل، بما يضمن استدامة السوق العقارية كمحرك رئيسي للاقتصاد الوطني.