السعودية تستعد لتطبيق قواعد جديدة على تأجير الوحدات التجارية وتخفض أسعارها في جميع مدن المملكة

السعودية تستعد لتطبيق قواعد جديدة على تأجير الوحدات التجارية
  • آخر تحديث

تتصاعد في السنوات الأخيرة مشكلة اقتصادية مؤثرة تتعلق بتأجير العقارات التجارية من الباطن، وهي ممارسة غير مباشرة لكنها تترك آثار عميقة على السوق المحلي، تبدأ القصة حين تقوم بعض الجهات الحكومية بتأجير مواقعها وعقاراتها لمستثمرين أو شركات، يقوم هؤلاء بدورهم بإعادة تأجيرها لجهات أخرى بأسعار أعلى بكثير من القيمة الأصلية.

السعودية تستعد لتطبيق قواعد جديدة على تأجير الوحدات التجارية 

هذا النمط من التأجير يخلق طبقة وسيطة لا تضيف أي قيمة حقيقية للاقتصاد، بل ترفع التكاليف التشغيلية دون مبرر، وتؤدي إلى تشويه مفهوم العدالة في السوق.

فالربح هنا لا ينبع من إنتاج أو خدمة، بل من استغلال الفجوة بين السعر الرسمي وسعر إعادة التأجير، وهو ما يمثل عبئًا على القطاعات المنتجة، خصوصا على المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

التأثير المباشر على المنشآت الصغيرة والمتوسطة

يشير الكاتب محمد محسن الحربي في مقاله المعنون "وزارة البلديات والقرار المنتظر" إلى أن هذه الممارسة تمس عصب الاقتصاد المحلي بشكل مباشر.

فالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل ما يزيد على 45 في المئة من إجمالي الوظائف في المملكة العربية السعودية، هي المتضرر الأكبر من ظاهرة التأجير الباطني.

ارتفاع الإيجارات بسبب وجود وسطاء ينعكس على تكلفة التشغيل، مما يدفع أصحاب هذه المنشآت إلى رفع أسعار منتجاتهم أو خفض جودتها، فيضعف ذلك من قدرتهم على المنافسة أمام المنتجات المستوردة.

والنتيجة أن السوق المحلي يفقد توازنه، وتحرم المشاريع الوطنية الصغيرة من فرص عادلة للنمو والاستمرار.

مشكلة المنافسة غير المتكافئة

يبرز جانب آخر من الأزمة يتمثل في غياب العدالة في المنافسة، فبينما يتيح النظام الاقتصادي مبدأ السوق الحر، نجد أن بعض المستثمرين الكبار يحصلون على العقود الحكومية دون استغلالها فعليا، مكتفين بإعادة تأجيرها لتحقيق أرباح فورية.

وفي المقابل، تضطر المصانع الصغيرة ورواد الأعمال إلى القبول بشروط مجحفة من هؤلاء الوسطاء، لندرة الفرص المباشرة التي تتيحها الجهات الرسمية.

هذا الخلل يؤدي إلى تمركز الثروة في يد قلة من المستثمرين، ويضعف روح الابتكار والإنتاج لدى صغار المستثمرين الذين يعانون من ضيق الموارد وارتفاع الأعباء التشغيلية.

الحل المقترح ودور وزارة البلديات

يرى الحربي أن الحل الجذري لهذه المشكلة يكمن في تدخل حكومي واضح وحاسم، من خلال إصدار قرار يلزم المستأجر بأن يكون هو المستفيد الفعلي من الموقع المؤجر.

وفي حال ثبت أن المستأجر لا يستغل العقار بنفسه، يجب أن يلزم بنقل عقده مباشرة إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان بعد تقديم الإثباتات اللازمة.

هذا الإجراء سيعيد التوازن إلى السوق، ويمنع تضخم الأسعار المفتعل، ويمنح المشاريع الصغيرة فرصة عادلة للوصول إلى العقارات الحكومية دون وسطاء.

أثر القرار المنتظر على استدامة الاقتصاد

يؤكد الكاتب أن تطبيق مثل هذا القرار من شأنه أن يخفف الأعباء المالية على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويدعم تنمية المنتجات المحلية، ويخلق بيئة أعمال أكثر استقرار واستدامة.

كما أنه يغني الجهات الحكومية عن القيام بجولات تفتيشية متكررة لا تحقق نتائج ملموسة، لأن النظام نفسه سيقضي على أصل المشكلة.

وفي ختام طرحه، يشدد الحربي على أن تبني هذا القرار سيكون خطوة محورية نحو تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وضمان توزيع أكثر عدالة للفرص الاستثمارية، وتحقيق بيئة تجارية صحية تساهم في نمو مستدام ومتوازن.