السعودية تستعد لتطبيق اجراءات جديدة تحول النفايات الى ثروة تساوي الميارات

السعودية تستعد لتطبيق اجراءات جديدة تحول النفايات الى ثروة تساوي الميارات
  • آخر تحديث

شهدت المملكة العربية السعودية حدث بارز يعكس رؤيتها الطموحة في تطوير قطاع البيئة وإدارة النفايات، حيث أطلق وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي المرحلة التنفيذية للمخطط الاستراتيجي الشامل، إلى جانب تدشين منظومة وثيقة النقل الإلكترونية وبرنامج "يديم"، وذلك خلال حفل "بصمة مستدامة" الذي نظمه المركز الوطني لإدارة النفايات (موان).

السعودية تستعد لتطبيق اجراءات جديدة تحول النفايات الى ثروة تساوي الميارات

هذا الحدث لم يكن مجرد تدشين لمشاريع جديدة، بل يمثل نقطة تحول نوعية في مفهوم إدارة النفايات داخل المملكة، حيث يجسد انتقال هذا القطاع من الأساليب التقليدية إلى منظومة رقمية متكاملة تقوم على الابتكار والمعرفة والاستدامة.

وجاءت هذه المبادرات في حضور واسع من القيادات الحكومية ومسؤولي القطاعات البيئية والاقتصادية وممثلي القطاعين الخاص وغير الربحي، مما يعكس أهمية هذا التوجه الوطني نحو بناء مستقبل أكثر توازن بين التنمية وحماية البيئة.

التحول نحو إدارة نفايات مستدامة

يمثل هذا الإطلاق امتداد لجهود المركز الوطني لإدارة النفايات في بناء قطاع متكامل يواكب المستجدات العالمية في هذا المجال.

حيث يسعى "موان" إلى تأسيس نظام وطني موحد لإدارة النفايات يعتمد على المعرفة التقنية والتخطيط طويل المدى، بهدف تحويل النفايات من عبء بيئي إلى مورد اقتصادي قابل للاستثمار.

هذا التوجه يأتي انسجام مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي وضعت الاستدامة كأحد محاورها الرئيسية، من خلال تعزيز الاقتصاد الدائري وتقليل الاعتماد على المرادم وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية.

المخطط الاستراتيجي الشامل

استعرض الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لإدارة النفايات الدكتور عبدالله السباعي أبرز ملامح المخطط الاستراتيجي الشامل، الذي يعد مرجع وطني لتطوير قطاع النفايات على أسس علمية وتنظيمية حديثة.

ويهدف المخطط إلى توحيد الجهود الوطنية في هذا المجال من خلال بناء قاعدة بيانات مركزية تحدد بدقة مواقع المرافق والخدمات وتساعد في اتخاذ القرارات المستقبلية بناء على معايير بيئية واقتصادية دقيقة.

كما يسعى المخطط إلى رفع نسبة استبعاد النفايات عن المرادم إلى 90% بحلول عام 2040، وهو هدف طموح ينسجم مع توجه المملكة نحو بناء اقتصاد دائري متكامل.

ووفقا للبيانات التي تم عرضها، تمكن المركز حتى الآن من تحقيق نسبة استبعاد بلغت 18%، في ظل تطوير الأطر التنظيمية والتشريعية وتسهيل منح التراخيص والتصاريح، إلى جانب طرح فرص استثمارية جديدة لجذب القطاع الخاص إلى هذا المجال الحيوي.

منظومة وثيقة النقل الإلكترونية

تعد منظومة وثيقة النقل الإلكترونية أحد أهم التحولات الرقمية التي يشهدها قطاع إدارة النفايات في المملكة.

إذ تعمل هذه المنظومة على تتبع حركة النفايات منذ مصدرها الأول وحتى وجهتها النهائية من خلال منصة رقمية موحدة تربط بين الجهات الحكومية والمشغلين والمستفيدين.

هذا النظام يسهم في تعزيز الرقابة الميدانية وضمان الامتثال البيئي، كما يحد من الممارسات العشوائية غير النظامية في جمع ونقل النفايات.

وتشمل المنظومة ستة أنشطة رئيسية أبرزها جمع ونقل النفايات الخطرة ومعالجتها والتخلص منها وتصديرها، مما يخلق بيئة رقابية متكاملة تضمن الشفافية وتزيد من كفاءة العمليات التشغيلية في القطاع.

برنامج "يديم" لتعزيز المعرفة البيئية

في إطار الجهود لتوحيد المعرفة وبناء مجتمع بيئي واعي، تم الإعلان عن إطلاق برنامج "يديم"، وهو منصة وطنية رقمية تجمع الخبرات والممارسات البيئية في قاعدة بيانات موحدة.

تشمل المنصة بنك أفكار ومكتبة رقمية ومنتدى تفاعلي يربط المختصين والجهات المعنية، إلى جانب محتوى توعوي يستهدف رفع مستوى الوعي البيئي في المجتمع.

ينفذ البرنامج خلال عامي 2025 و2026، ويتضمن تنفيذ 112 مبادرة نوعية بمشاركة 75 جهة حكومية وخاصة وغير ربحية.

ويهدف إلى تحقيق نتائج ملموسة أبرزها خفض إجمالي نفايات المشاركين بنسبة 20% واستبعاد 25% من نفاياتهم عن المرادم، ما يعكس الأثر العملي للبرنامج في دعم مفهوم الاستدامة والاقتصاد الدائري.

تكامل الجهود نحو مستقبل مستدام

يجسد هذا التكامل بين المخطط الاستراتيجي ومنظومة وثيقة النقل الإلكترونية وبرنامج "يديم" رؤية المملكة الشاملة نحو تطوير قطاع إدارة النفايات على أسس رقمية وعلمية حديثة.

كما يعكس التزامها بتحقيق بيئة نظيفة ومستدامة تتماشى مع أعلى المعايير العالمية في مجال الاستدامة البيئية.

هذا التحول لا يقتصر على الجانب التقني فحسب، بل يمثل توجه استراتيجي نحو بناء اقتصاد مستدام يوازن بين النمو والتنمية البيئية، ويؤكد الدور الريادي للمملكة في قيادة المنطقة نحو مستقبلٍ أكثر ازدهارا واستدامة.